في ليلة الجمعة- التي تبدا مع غروب شمس يوم الخميس - ويومها سنن كثيرة
ولكنها مهجورة عند كثير من الناس , فنذكر بها لعلنا نتشارك في الأجر :
أولاً :
الإكثار من الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم ,
لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلام ، وَفِيهِ قُبِضَ ،
وَفِيهِ النَّفْخَةُ ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ
الصَّلاةِ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ، قَالُوا : يَا رَسُولَ
اللَّهِ ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ -أَيْ
يَقُولُونَ قَدْ بَلِيتَ- قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ
حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ
السَّلام ) . رواه أبو داود (1047) وصححه ابن القيم في تعليقه على سنن أبي
داود (4/273) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود (925)
قال في عون المعبود : وَإِنَّمَا خَصَّ يَوْم الْجُمُعَة لأَنَّ يَوْمَ
الْجُمُعَة سَيِّدُ الأَيَّام وَالْمُصْطَفَى سَيِّدُ الأَنَام ,
فَلِلصَّلاةِ عَلَيْهِ فِيهِ مَزِيَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ اهـ .
ولكن الملاحظ أن كثيرا من الناس تركوا هذه السنة وأتوا ببدعة لا أساس لها
وهي قولهم : ( جمعة مباركة ) . وقد سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه
الله : ما حكم إرسال رسائل الجوال كل يوم جمعة ، وتختم بكلمة " جمعة
مباركة " ؟ .
فأجاب :
"ما كان السلف يهنئ بعضهم بعضاً يوم الجمعة ، فلا نحدث شيئاً لم يفعلوه" انتهى من أجوبة أسئلة " مجلة الدعوة الإسلامية " .
ثانياً :
قراءة سورة الكهف
عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من قرأ سورة
الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" . رواه الحاكم .
وصححه الألباني في صحيح الترغيب (836
ثالثاً :
الغسل ,
وهو سنة مؤكدة بل يرى بعض العلماء وجوبه , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم )
ووقته حدده الشيخ محمد العثيمين رحمه الله بقوله :
"غسل الجمعة يبدأ من طلوع الفجر، لكن الأفضل أن لا يغتسل إلا بعد طلوع
الشمس؛ لأن النهار المتيقن من طلوع الشمس، لأن ما قبل طلوع الشمس من وقت
صلاة الفجر، فوقت صلاة الفجر لم ينقطع بعد، فالأفضل أن لا يغتسل إلا إذا
طلعت الشمس، ثم الأفضل أن لا يغتسل إلا عند الذهاب إلى الجمعة فيكون ذهابه
إلى الجمعة بعد الطهارة مباشرة" انتهى .
مع ملاحظة : أن هذا الغسل هو غسل تنظف، لا غسل رفع حدث، لكنه إن اجتمعا
يوم الجمعة: الحدث الأكبر، فأراد أن يغتسل للجنابة، ويكون اغتسال -أيضا-
للجمعة فإنه يدخل الأصغر في الأكبر، وذلك للقاعدة المقررة في هذا، وهي:
أنه إذا اجتمعت عبادتان: صغرى وكبرى، دخلت الصغرى في الكبرى.
رابعاً :
التبكير إلى صلاة الجمعة ,
لقوله عليه الصلاة والسلام : ( من راح في الساعة الأولى فكأنّما قرّب
بَدَنَة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنّما قرّب بقرة ، ومن راح في
الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشاً أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة
فكأنّما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضة ، فإذا
صعد الإمام المنبر حضرت الملائكة يستمعون الذكر ) . رواه البخاري ( 841 )
ومسلم ( 850 ) .
ولمعرفة تقسيم هذه الساعات قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
...........فقسَّم الزمن من طلوع الشمس إلى مجيء الإمام خمسة أقسام ، فقد
يكون كل قسم بمقدار الساعة المعروفة ، وقد تكون الساعة أقل أو أكثر ؛ لأن
الوقت يتغير ، فالساعات خمس ما بين طلوع الشمس ومجيء الإمام للصلاة ،
وتبتدئ من طلوع الشمس ، وقيل : من طلوع الفجر ، والأول أرجح ؛ لأن ما قبل
طلوع الشمس وقت لصلاة الفجر " انتهى . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (
16 / السؤال رقم 1260 ) .
خامساً "
اغتنام الساعة الأخيرة من يوم الجمعة لما ورد فيها من الفضل العظيم ,
لقوله عليه الصلاة والسلام : ((يَوْمُ الجُمُعة ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً
، لاَ يُوجَد فِيهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ الله شَيْئاً إِلاَّ آتَاهُ
إِيَّاهُ ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ العَصْر) رواه أبو داود
(1048) والنسائي (1389) ، وصححه الألباني ومن أراد أن يتحرى وقت الإجابة
بعد العصر يوم الجمعة : فلذلك صور متعددة ، منها :
1. أن يبقى بعد صلاة العصر لا يخرج من المسجد يدعو ، ويتأكد ذلك منه في آخر ساعة من العصر ، وهذه أعلى المنازل .
وكان سعيد بن جبير إذا صلى العصر لم يكلم أحداً حتى تغرب الشمس .
2. أن يذهب إلى المسجد قبل المغرب بزمن ، فيصلي تحية المسجد ، ويدعو إلى آخر ساعة من العصر ، وهذه أوسط المنازل .
3. أن يجلس في مجلس – في بيته أو غيره – يدعو ربه تعالى في آخر ساعة من العصر ، وهذه أدنى المنازل .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
من أراد إدراك الساعة الأخيرة من يوم الجمعة للدعاء وسؤال الله هل يلزم أن
يكون في المكان الذي صلى فيه العصر ، أم قد يكون في المنزل ، أو في مسجد
آخر ؟ .
فأجاب :
"ظاهر الأحاديث الإطلاق ، وأن من دعا في وقت الاستجابة : يُرجى له أن يجاب
في آخر ساعة من يوم الجمعة ، يُرجى له أن يجاب ، ولكن إذا كان ينتظر
الصلاة في المسجد الذي يريد فيه صلاة المغرب : فهذا أحرى ؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : (وَهُوَ قَائِمٌ يُصّلِّي) - رواه البخاري - ،
والمنتظر في حكم المصلي ، فيكون في محل الصلاة أرجى لإجابته ، فالذي ينتظر
الصلاة في حكم المصلين ، وإذا كان مريضاً وفعل في بيته ذلك : فلا بأس ، أو
المرأة في بيتها كذلك تجلس تنتظر صلاة المغرب في مصلاها ، أو المريض في
مصلاه ويدعو في عصر الجمعة يرجى له الإجابة ، هذا هو المشروع ، إذا أراد
الدعاء يقصد المسجد الذي يريد فيه صلاة المغرب مبكراً فيجلس ينتظر الصلاة
، ويدعو" انتهى .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 30 / 270 , 271 ) .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقول للفائدة ؛؛؛؛